لماذا نرفض المسرح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
حين أنشئ المسرح في لبنان على أيدي الموارنة النصارى لأغراض تنصيرية بغطاء كوميدي أو درامي توافدت الجماهير ببطء نحو مقاعد مسارح بيروت وصيد وطرابلس لكنها ما لبثت أن تجمهرت بشكل ملحوظ وبكثافة أكثر حين تفنن القائمون على المسرح في تقديم المضامين السامة مقولبة بشكل جذاب ومثير !
كانت السخرية بالتراث الإسلامي والمفاهيم الدينية الراسخة تقدم على هيئة ((قفشات ونكات)) يتلقاها المشاهد دون إدراك لأبعادها الخبيثة .
فـ ((الدبكة اللبنانية)) أي الرقص الجماعي للرجال والنساء على حلبة المسرح سرعان ما يُنسي المشاهِد العادي آلام الوخز لعقيدته الدينية ومبادئه الإسلامية التي ورثها أباً عن جد!
حتى إذا ما مضى وقت طويل على مثل ذلك الوخز والشذب تبلدت الأحاسيس وخبت نيران الغيرة على المبادئ والقيم والأخلاق .
ولم يكتف موارنة لبنان بإفساد الشارع اللبناني فحسب بل انتقلوا بكل خططهم الخبيثة إلى القاهرة ليتم هنالك إنشاء المسرح بذات الكيفية التي جرت في بيروت وما جاورها .
وكانت النقلة إلى مصر متواكبة مع انتقال الصحافة المارونية إلى هناك ليتكامل دور الصحافة والمسرح في تسويق الفساد العقدي والأخلاقي والقيمي!!
ومن المفارقات التي لم تخطر ببال أن كان حجم النجاح في إفساد الشارع المصري أكبر بكثير من كل التوقعات حيث تتابع الجمهور المصري نحو صالات العرض بأعداد آخذة بالازدياد حيث تفنن اللبنانيون بأفكارهم والمصريون بعرضهم في ضرب كثير من الثوابت العقدية ولمز المفاهيم الدينية وجعلها مع الوقت نهبا مباحا لكل أحد!
وهاهو المجتمع في مصر ولبنان ضحية الطرح الهابط والجرح الساخر الممتد طيلة خمسين عاما بل تزيد ، فلم يعد من المستنكر أو المستغرب النيل من الإسلام عقيدة وشريعة ومنهجا علنا أو سرا ليلا أو نهارا ، فليس في القانون الفعلي ما يجرّم أي متطاول على الدين أو المتدينين.
وفي الأشهر الأخيرة تبنتْ أمانة مدينة الرياض – رغم عدم اختصاصها- مسرحيات منتظمة ورصدت لها ملايين الريالات وسخرت حملة إعلامية قوية لفرضها على المجتمع دون مبالاة بطبيعة المجتمع المحافظ وأخلاق أبنائه الرافضين لهذا العفن الفني الهابط .
وكالعادة ستكون البدايات رجالية والحضور وقفا على الرجال ، لكن المرحلة القادمة ستكون في هيئة حملات صحافية شعواء لإدخال العنصر النسائي حضورا تحت غطاء العائلات ثم المطالبة السريعة بإشراك المرأة إخراجا وتمثيلا !!
المسرحيات في الرياض ستحتوي نفس المضامين الهابطة التي تضمنتها مسارح بيروت والقاهرة وستكون بأسلوب هزلي كوميدي لكنه ذو أبعاد خطيرة وغايات خبيثة.
فالسخرية من الحجاب والعفة والنزاهة والدعوة إلى قيادة النساء للسيارات ووصم أهل التدين بالتشدد والرجعية هي بعض ما طرح ويطرح هذه الأيام ..
وباختصار شديد: فإن ما يطرحه فجرة (طاش ما طاش) هو عين ما سينفذه أبطال مسرحية (كاش ما كاش) ولو بعد حين!
ومن ظن أن الأمانة ساعية إلى الترويح البريء عن المواطن والمقيم عبر هذه المسرحيات فهو أجهل من حمار أهله.
فالأمانة كانت ولازالت واحدة من أعقد الجهات التنفيذية بيروقراطية ، وظلما للمواطن فالإجراءات المعقدة لاستخراج فسوحات البناء والمكوس الباهظة والمواعيد المرهقة للأعصاب والأرواح والأبدان هي هواية الأمانة المفضلة.
لو كانت الأمانة جادة في الترويح عن المواطن لنظفت الشوارع وسفلتتها ورصفتها ونظمت مواقف السيارات ووضعت المخططات الحديثة لأحياء جديد وبشوارع فسيحة لا شوارع ذات الثمانية أمتار وعشرة أمتار كما هو موجود فيما يسمى بأرقى أحياء الرياض زورا وبهتانا .. فليس في الرياض إلا الشوارع المظلمة والمهمشة والحفر المتناثرة والزحام الخانق والقيادة العشوائية للسيارات!
فهل يعي عقلاء قومنا أبعاد اللعبة الآن، ويتصدون لها أم يكتفون بالحوقلة والاسترجاع وندب الزمان الغابر والحظ العاثر؟!!